مطبوعات
الطاقات المتجددة والتنمية المكانية
في مكافحة التصحر والهجرة العكسية
برعاية
منظمة الطاقات المتجددة والبيئة … والتجمع الليبي للتنمية المكانية
إعداد/ مجموعة الطاقة الحيوية والتنمية المكانية
بإشراف
د. م. أحمد الصاوي الشريف
ديسمبر 2017م
الهوهوبا ؟
تكتب جوجوبا Jojoba وتُنطق بالإنجليزية: «هوهوبا». شجيرة صحراوية لها القابلية للنمو في عديد من المناطق شبه القاحلة من العالم، بما فيها صحارى الدول العربية. مستخلص زيتها يفيد كمواد للتشحيم، ومستحضرات التجميل، وكبديل لزيت كبد الحوت وفي تصنيع الأحبار والورنيش، والشمع، والمنظفات، والراتنجات واللدائن، إضافة إلى مراهم الشعر والبشرة وعلاج الروماتويد وآلام المفاصل وتنعيم خشونة البشرة وزيوت تدليك معترف بها دولياً.
تفيد في مكافحة التصحر والتلوّث ومكافحة الجراد. تجدد أورقها باستمرار والمتساقط منه يخصّب التربة. تعيش في درجات حرارة عالية تصل إلى خمسين درجة وتتحمل العطش لفترة زمنية طويلة تصل إلى سنة كاملة، معمرة لأكثر من مائة وخمسين عاماً. تتحمل الحرارة المرتفعة والمنخفضة معاً، مقاومة للجفاف لطول جذرها الوتدي الذي يصل إلى حوالي 9 أمتار في عمق التربة، ويتكون مجموعها الخضري من عدة سيقان كما يصل متوسط ارتفاعها ما بين المتر الواحد والمترين، ومن النادر أن يصل نمو بعضها حتى أربعة أمتار. أي أن قطف الثمار يدوياً يبقى سهلاً للغاية.
أوراقها بيضاوية تشبه أوراق الزيتون لكنها سميكة جلدية الملمس عليها طبقة شمعية تعكس أشعة الشمس. نبات ثنائي الجنس أحادي المسكن، ينتج أزهار (حبوب لقاح) مذكرة وأخرى مؤنثة، تحمل الثمار بعد التلقيح الذي يتم بواسطة الرياح لمسافات قد تتجاوز كيلو متراً.
على مستوى العالم العربي يمكن زراعة جزء كبير من صحرائه كمشروع يسهم في تنمية ثروة أخرى أو قد يتكامل معها، هي الثروة السمكية من خلال الاستزراع السمكي المكثّف في الصحراء باستخدام مياه الآبار وتخزينها في أحواض خراسانية، ثم استعمال المياه الناتجة عن الصرف من هذه الأحواض في الزراعة، حيث تكون محملة بعناصر غذائية مهمة كالبوتاسيوم والنيتروجين والفسفور. وهي عناصر تتوافر في السماد عادة ويحتاجها النبات. ومن هذا المنطلق يحدث التكامل بين الاستزراع السمكي والتنمية الزراعية. حيث يمكن زراعة الزيتون، والنخيل، والخضراوات، والقمح، والشعير. وهذا يعطي للمزارع فائدة مزدوجة .
حالياً تستثمر زراعة هذه النبتة في كل من تونس ومصر والسودان، وقد تبنت المغرب مؤخراً مشروعاً بهذا الخصوص ودعمته بتقديم تسهيلات خاصة للمزارعين. علماً بأن مصر تميزت بتأسيس شركة تمنح البذور وتشتري الإنتاج، ومن المفيد أن زيت الهوهوبا يمكن تخزينه لمدة 25 سنة دون أن يفسد.
فوائد النبتة
خلاصة الهوهوبا، شمع زيتي ذهبي يتم فرزه عبر عملية فرز تخلو من التلامس البشري ودون مواد كيميائية.
يدخل زيتها في صناعة المبيدات الزراعية (فطري، حشري، علاج النيماتودا) وتدخل مخلفات العصر من هذه الثمار في صناعات متعددة مثل الأعلاف الحيوانية والداجنة والسمكية، حيث تحتوي مخلفات العصر على نسبة عالية من البروتين.
وقد ثبت علمياً أن زيت الهوهوبا هو أقرب من حيث تركيبته إلى زيت كبد الحوت، مما جعل عدداً من الدول يوليها أهمية وعناية، خاصة بعد اكتشاف أن زيت بذرة الهوهوبا إضافة إلى دخوله في تصنيع مستحضرات التجميل وعدد من المنتجات الطبية، يتمتع بمواصفات تجعله صالحاً للاستخدام كبديل للشحوم الاصطناعية في (زيوت المحركات) خاصة المحركات الثقيلة والمهمة مثل (الطائرات، الصواريخ، الدبابات، وكافة المحركات الثقيلة) لكونه يحتفظ بلزوجته الفيزيائية تحت درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 390 درجة مئوية مما يطيل عمر المحرك، ويقلل الحاجة إلى تبديل الزيت، ويمكِّن العلماء من تنفيذ برامجهم الميكانيكية.
ومن ميزات زراعة الهوهوبا أنها لا تشترط مستوى عالياً من المهارات في الأيدي العاملة، الأمر الذي يتيح تشغيل الكثير من العاطلين عن العمل. كما أنها ذات عائد اقتصادي مرتفع.
بذورها تسقط على الأرض بعد اكتمال النمو وتجمع يدوياً أو بواسطة ماكينات خاصة بالشفط. ولا تفسد إذا تركت دون جمع على الأرض كما أنها تخزن لسنوات طويلة من دون أن تفقد أيّاً من خصائصها. تتحمل العطش عندما تتقدم في العمر لفترة يمكن أن تصل إلى أكثر من سنة كما تتحمل الملوحة لدرجة 3000 جزء في المليون دون أن يؤثر ذلك على الإنتاج، و10000 جزء في المليون كحد أقصى.
نبتة واعدة
يبدأ إنتاجها نهاية عامها الثالث، وتُعد عنصراً حيوياً للطاقة في العشرين سنة القادمة. وتسهم في إنشاء مجتمعات زراعية صناعية في التجمعات الجديدة المزمع زراعتها بهذا النوع من النبات. تحتوي البذور على %50 من وزنها زيتاً شمعياً. ويستخرج الزيت دون شوائب، يصنَّف زيتها على أنه شمع سائل ذو صفات متميزة، رائحته جيدة خالية من رائحة السمك. لا تتأثر لزوجته بدرجة الحرارة وغير قابل للتأكسد. ولذا، فإن منظمتي كيوتو والفاو تشجعان على زراعته لأنه يدخل ضمن برنامجهما للقضاء على التلوث، فتمنح منظمة كيوتو من 600 إلى 700 يورو للهكتار الواحد ما أن ترسل لجنتها المختصّة للتأكد من وجود الشجيرات ثم تقوم بصرف الدعم.
متوسط إنتاجية الهكتار (2.4 فدان / 4 دونمات) حوالي 2 طن في السنة الثالثة، ويصل للمرحلة القصوى من إنتاج البذور بعد السنة العاشرة. حيث تصل إنتاجية الهكتار إلى ثمانية أطنان من البذور لاستخلاص أربعة أطنان من الزيت. وحسب دراسة الجدوى، فسعر زيته العالمي يبلغ 8600 دولار للطن الواحد، وبحساب بسيط يؤمّن الهكتار الواحد بعد السنة الثالثة عتبة ربح دائم.
انتشرت هذه النبتة على مستوى العالم، وهي تُزرع في عدة دول منها: الولايات المتحدة، المكسيك، بيرو، شيلي، البرازيل، الأرجنتين، أستراليا، نيوزيلاندا، والهند، حيث استخدمت أساساً لمكافحة التصحُّر.
وتنتج الشجيرات بذوراً يتم عصرها عن طريق آلات عصر اعتيادية، تليها عملية طرد مركزي
التسويق والمبيعات
في السنة الرابعة، ينتج الهكتار الواحد حوالي 200 – 300 كغم. وتباع البذور للأغراض الصناعية بمعدل 3 إلى 4 دولارات للكيلوغرام الواحد، وبمعدل 600 دولاراً للهكتار/سنة. وبحلول العام الثامن، يصل معدل الإنتاج إلى 800 و1200 كغم، حيث يصبح العائد نحو 2500 دولار للهكتار/ سنة كحد أدنى. الجدير بالذكر أن تكلفة زراعة الهوهوبا هي أقل بكثير من زراعة أي محصول مماثل كالقطن مثلاً.
يمكن الشروع بمشاريع صغيرة كبداية بمساحة عشرة هكتارات تكلّف 8500 دولار تقريباً كرأسمال في تغطية التكاليف يمكن استردادها بعد خمسة أعوام. وكل ما عداه سيكون صافي ربح مضمون. ويتميز هذا النبات بمقاومته العالية للأمراض والآفات واحتياجه القليل للماء، لذا يُعد نباتاً مثالياً لزراعته وتكثيره في الصحارى الكثيرة في البلاد العربية للاستفادة من إنتاجه من الزيوت بتحويلها إلى وقود نباتي رخيص إضافة إلى استعمالات أخرى في مجالات صيدلانية متنوعة.
اعتمدت دولة البرازيل مثلاً في خطة نهضتها على زراعته والتوسع في استخدامه في مجال الوقود الحيوي، وكان سبباً في إحداث نقلة اقتصادية كبيرة لها، حيث وفر منه مصدراً للطاقة دون أن يدفعوا بالعملة الصعبة التي كانوا يستوردون بها البترول من قبل. تتحمل النبتة ملوحة المياه، مما يمكن ريها بمياه الصرف الصحي المعالجة. كما أنها لا تحتاج لتقنية في زراعتها وبالتالي غير مكلفة على الإطلاق.
وبزراعة هذه الشجيرات يمكن تضمين غرس فسائل النخيل بشكل صفوف متوازية وبذلك يمكن استحداث بيئة ملائمة تسرّع من الإكثار من النخيل على مساحات واسعة فتتوسع الفائدة اقتصادياً وتتعدى ذلك إلى جني أفضل أنواع العسل.
ذهب أخضر
يُعرف النبات بـ (الذهب الأخضر) لفوائده العديدة وعائده المالي المرتفع. كما لا يخفى أهمية الغطاء الأخضر في صحرائنا الخالدة، من حيث إضفاء كميات من الرطوبة وتحسين المناخ وزيادة الأمطار إضافة إلى ما ستحققه من فائدة بيئية عبر استهلاك كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن تهيئة محميات طبيعية لمختلف أنواع الطيور والحيوانات البرية.
يحتاج الفدان الواحد من الأرض إلى حوالي 6-7 كغم من البذور، وفى حالة الزراعة بالشتلات فإنه يحتاج إلى 700 شتلة مؤنثة، ويزرع الباقي 100جورة بالبذور لإنبات مائة شجيرة مذكرة لزوم التلقيح، وفي هذه الحالة يتطلب الأمر نحو كيلوغراماً واحداً من البذور.
وإجمالاً فإن غالبية الصحارى على محيط المدن ترقد على مياه جوفية قريبة نسبياً من سطح التربة، يمكن الاطمئنان إلى الاستفادة منها واستثمارها وبالتالي التخطيط لبناء مجتمع معاصر يضم تركيبة سكانية تجمع بين الثقافة البدوية وثقافة الريف والحضر.
مقترح لتجربة رائدة تطبق في ليبيا
ضمن مخطط «حزام ليبيا للمحافظة على البيئة ومكافحة التصحر» الذي يسعى لتشجيع الزراعة في ليبيا ، تبنّت دولة المغرب خطة خمسيه لتعزيز مشروعاتها القومية بدعم المشاريع الزراعية ونقترح أن يطبق في ليبيا.. وذلك بإدخال نباتات ذات طابع استراتيجي وذات عائد اقتصادي مجزٍ من خلال دعم الفلاح أو الشباب الراغب في بدء المشروع الزراعي، وبضمان سيادة الدولة على كل شيء من أول مرحلة في المشروع إلى مرحلة الإنتاج. فهي تمنح أرضاً تبلغ مساحتها 50 هكتارا وفق اختيار الأماكن الصحراوية القاحلة، والتي لا يمكن زراعتها بالمحاصيل التقليدية بإيجار عيني بسيط. كما تدعم العناصر المادية للمشروع على النحو التالي:
1 – تعويض ما نسبته %70 من ثمن شراء شبكة الري.
2 – تعويض ما نسبته %75 من تكلفة حفر البئر.
3 – تعويض ما نسبته %90 من التكاليف التي أنفقت لتمهيد الأرض.
4 – تعويض ما نسبته %90 من ثمن الأشجار المشترىة والمزروعة في الأرض المنتخبة.
وبذلك يتم تفعيل دور الأراضي الصحراوية المتوافرة في ليبيا ووضع خطة مستقبلية لزراعة مليون هكتار من نبات الهوهوبا كمرحلة أولي. وهكذا يتحقق اخضرار المناطق القاحلة. اخضرار يتوقع له أن يدر دخلاً يقدَّر بمليارات الدولارات.
تجعل الصحاري مزارع للوقود
بحلول عام 2030 لن تعمل محركات المركبات من سيارات وقطارات وشاحنات وطائرات وغيرها بالبنزين أو الجاز أو الديزل ولا بأي من مشتقات البترول، إنما ستعمل بالوقود الحيوي المستخلص من الزيوت النباتية.
هذه الحقيقة يؤكدها تصديق المجالس التشريعية في بعض دول الاتحاد الأوربي على تشريع عام 2004 الصادر عن رئاسة الاتحاد، والذي يلزم جميع دول الاتحاد بإضافة الزيوت النباتية إلى مكونات وقود السولار بنسبة 76,5% على الأقل بدءًا من عام 2010، ومن ثم زيادة هذه النسبة 5% سنويا لتصبح 10% في السنة التالية، وهكذا حتى يتم بحلول عام 2030 إحلال الزيوت النباتية محل الوقود البترولي كليا.